الأحواز كتبه: أبو هيام
في كتب الرحالة والمؤرخين
ان تاريخ الشعوب لا يمكن تلخيصه بمقال أو مقالين ولا حتى من خلال كتاب أو كتابين ولشعبنا الأحوازي ولوطنه الأحواز تاريخه الإنساني الحضاري الذي جاء في معظم الكتب والمخطوطات القديمة نظرا لأهميته الجغرافية لدى الرحالة والمؤرخين.
ان تاريخ الأحواز الذي يضم قسم كبير من الحضارة والتراث العالميين يمتد الى آلاف السنين الحافلة بالأحداث والمد والجزر حيث شهد تاريخه الحروب والمجازر والانتصارات والاندحارات و..وها هو الأحواز خالد وصامد في قلب التاريخ بعد كل ما مر به من قهر ومنحدرات وشعبه العريق صامدا، كما كان، بعد ستة وسبعين عام من البطش والقتل والتنكيل، لا بل ويزداد عزم ومقاومة عام بعد عام وسيصل الى بر الأمان بهمة ابناءه الأشاوس حتما.
ومر الوطن، الأحواز، بمراحل تاريخية مختلفة سجل له الرحالة والمؤرخين من هذا التاريخ، نأتي بقسم يسير منه دون تعليق:
يذكر الرحالة الفرنسي "جان جاك بيرني" وعلى الصفحة 98 من كتابه" الخليج العربي" يذكر لنا: إمارة الأحواز كانت عربية الطبيعة تماما وانها تعتبر مع القسم الأسفل من بلاد مابين النهرين وحدة جغرافية طبيعية وحضارية وانها شاركت في الماضي في ازدهار الحضارة السومرية والأكدية. وكانت قد نشأت حضارات على ارض الأحواز مهمة مثل الحضارة العيلامية التي المعروفة بعاصمتها السوس أو الشوش الحالية ثم برزت بعدها سماتها العربية وترسخ سلطان حكمها العربي حتى جاء النفوذ الإسلامي العربي حيث شمل فارس وتجاوزها.
ويذكر الرحالة البرتغالي بيدرو تايسكر الذي زار المنطقة عام 1904، يذكر ان مجموع الإقليم الواقع الى شرق شط العرب كان يؤلف امارة عربية يحكمها مبارك بن مطلب الذي كان مستقلا عن الفرس وعن الأتراك ايضا حيث كان هذا الأمير قد دخل في تحالف مع الدولة البرتغالية التي كانت وسعت نفوذها يومئذ في الخليج العربي.
اما الرحالة الإيطالي بنزو ديلا فالي الذي زار حوض نهر كارون الى مصبه في شط العرب فقد ذكر ان الشيخ منصور بن مطلب الذي حكم بين عام 1934 و 1943 كان يسيطر على شط العرب الى درجة انه لم يسمح لأية سفينة أن تمر إلا بعد ما تدفع ضريبة لوكيله وانه كان على اتصال دائم مع حاكم البصرة. كما كان يقاوم بقوة محاولات شاه عباس الأول(حاكم فارس) التدخل في شؤون امارته الداخلية.
كما جاء في كتاب "اكتشاف جزيرة العرب والتاريخ القديم" لـ جاكلين بيرين، جاء وعلى صفحة 166 ان عرب الإقليم(الأحواز) ظلو هم أسياد ساحل الخليج العربي وان الفرس وملوكهم لم يتمكنوا أبدا من التقدم نحو البحر وانهم تحملوا صابرين على مضض بقاء هذا الساحل ملكا للعرب، وخير دليل يوضح عجز الفرس عن ركوب البحر هو ما جاء به السير بيرليس كوكس أحد المهتمين بدراسة تاريخ فارس، حيث قال" ليس هناك شيء يوضح تأثير العوامل الطبيعية في ميول الناس وسلوكهم اكثر من النفور والكره الذي يظهره الفرس دائما نحو البحر الذي تفصلهم عنه حواجز جبلية شاهقة.
وعن الإختلاف الجغرافي الطبيعي بين الأحواز وفارس يحدثنا السير أرنولد ويلسن في كتابه" جنوب غرب فارس" ص 98 ويقول: ان الأحواز تختلف عن ايران اختلاف ألمانيا عن اسبانيا اذ ايران عبارة عن هضبة تحيط بها حافات من السلاسل الجبلية الضخمة وتتفصلها عن الخارج من جميع جهاتها تقريبا ولا سيما الجهة المحادية للأحواز الذي يتكون من عدد من السلاسل المتصلة الشاهقة الإرتفاع التي ليس فيها ممرات سهلة الإجتياز بل تتخللها وديان صيقة تنحدر بشدة نحو سفوحها.
ويذكر لنا الرحالة كريستين نيبور الذي زار الأحواز في عام 1772عن قدم الأحواز وقدم سكنى شعب العربي الأحوازي في المنطقة، يذكر لنا: ان العرب هم الذين يمتلكون جميع السواحل البحرية للقسم الشرقي من الخليج العربي وانه يستحيل تحديد الوقت انشأ فيه العرب موطنهم على الساحل وقد جاء في السير القدسية ان العرب انشأوا هذا الموطن منذ عصور سلفت واذا استعنا بالملاحم القليلة التي وردت في التاريخ القديم يمكن التخمين بأن هذا الموطن العربي نشأ في عهد اول ملوك الفرس في القرن السادس قبل الميلاد تقريبا.
اما هوآر الفرنسي في كتابه" ايران القديم والحضارة الإيرانية الذي صدر عام 1925 فيذكر لنا" لا يوجد بين السند ودجلة نهر قابل للملاحة غير نهر كارون وفي الحقيقة هذا النهر ليس جزأ من الاراضي الإيرانية لأنه يسير في منطقة منبسطة تشكل الايوم ولاية تسمى عربستان وقد عرفت هذه الولاية في الأزمنة التاريخية الغابرة بإسم سوزياء( السوس أي الشوش اليوم- المترجم)
الجنرال السير برسي سايكس مؤلف كتاب عشرة آلاف ميل من ايران يقول انه من السرور بمكان ان اقترب من الأحواز وان اتعرف على أوابده وآثاره التاريخية. واما لورد كرزن يعرف لنا حدود الأحواز بقوله: ان الأحواز اسم منطقة تقع بين الجبل والبحر وتشمل دزفول، شوشتر، الحويزة ورامز…. وحدوده من ناحية الغرب نهر الكرخة والمحمرة ومن الشمال جبال البختيارية وفي الشجنوب شط العرب والخليج وفي المشرق نهر هنديان.
ونعود للرحالة الألماني نيبور الذي زار الأحواز عام 1765حيث كتب عنن الشيخ سلمان مادحا إياه: لقد استغل الشيخ سلمان الظروف السائدة في ايران والعراق وحكام البصرة فأستقر في مدينة الدورق وحرر المدن الأخرى وخلال اربع سنوات وسع سلطته من هنديان الى الجانب الآخر من شط العرب والخليج وكان الشيخ سلمان يملك في عام 1178 ه، مايقارب من عشر بواخر كبيرة وسبعين باخرة صغيرة وكان جنوده يتعرضون للبواخر البريطانية وينهبونها ووصلت (سمعة) قوته البحرية الى كل مناطق اوروبا التي اطلقت على رجاله (اسم) " قراصنة البحر"
ويؤكد لنا "مكدولدكينز" حول قدرة الكعبيين في عهد القاجار قائلا: يستطيع حاكم كعب ان يجهز تحت امرته 50 الف خيال و20 الف راجل.
ويعترف لنا احمد كسروي في كتابه" تاريخ بانصد سالة خوزستان" ويعلن عن القوة التي كانت تمتلكها حكومة بني كعب في عهد الشيخ سلمان الكبير وان هذه القوة والإستعداد في الحقيقة كانت لضرر الحكومة القاجارية ولم تحتفظ امارة كعب بهذه القوة إلا لمحاربة الدولة القاجارية ولتدميرها عند ظهور أي بوادر ايرانية للسيطرة على الأحواز.
وذكر بلليني: ان مدن هذا القطر كانت في عصره سنة 1877م تعد مدن بلاد العرب.
واما عن السائح الإنجليزي " استوكلر حول قدرة بني كعب في الأحواز يذكر لنا: كان لدي بني كعب من قوة عسكرية اعدت لصد هجمات الدول الطامعة في قطرهم وقد شاهد بنفسه المدافع كانت منصوبة في ميدان مدينة الفلاحية وان عدد الجيش العربي الأحوازي بلغ تعداده في وقته خمسة عشر الفا" من المشاة وسبعة آلاف فارس( من الجنود الخيالة) وفي مكان آخر يقول لنا ان الأنهار القديمة الكبيرة دجلة والفرات وقارون التقت بعيدا عن الخليج مؤلفة لسانا مائيا زاهيا يسمى بشاطئ العرب أو شط العرب مما يذكر لنا جان جاك بيرني عن هذه الفترة ان نشاط بني كعب قد تضاعف الى درجة اصبح معهم السفر مجرأ على سبيل التجارة عملا يقود الى الكوارث لأن قبيلة كعب قد تمركزت شمالي الخليج العربي وفرضت سيطرتها على منطقة شط العرب.
وعن حقيقة تاريخ شعب الأحواز وعروبته ذكر لنا المستر لابارد الأنجليزي الجنسية والمرسل سنة 1841 للبحث عن الآثار في مدينة السوس في الأحواز، رفع مذكرة الى السفارة البريطانية في اسطانبول ذكر فيها: ان قبائل البختيارية تنزل على بعد قليل من اقليم الأحواز في جنوب العراق وان المحمرة وسكانها العرب تابعون للدولة الثمانية واراضي الأحواز تؤلف امتدادا للعراق وجزء من ارض وادي الرافدين لا من الوضع الجغرافي فقط بل كذلك من حيث عروبة الإقليم.
ويذكر لونكريك: ان تبعية الحاج يوسف باني المحمرة لم تكن في يوم ما الى الفرس أو العثمانيين وانما كانت لقومه من بني كعب فقط. ويشهد المؤرخ الفارسي احمد كسروي على ذلك بقوله((ان تبعية المحمرة كانت لبني كعب الذين جعلوا منها ميناء مزدهرا وفتحوا ابوابها للسفن التجارية.
وفي مكان يذكر لنا لونكريك ان قبيلة عربية كبيرة تفرض ضرائب على المواصلات النهرية في سنة 906 هجرية=1500 م وبذلك اقلت الدول العظمى يومها وكان حاكم هؤلاء والي الحويزة وسليل بيت عربي اصيل. وبعد احتلال مدينة المحمرة من قبل البريطانيين عام 1857 يذكر لوريمر في كتابه دليل الخليج لوصفه لأمير المحمرة حاج جابر بن مرداو وانه استطاع في الفترة التالية من حكمه ان يحتفظ بنوع من الإستقلال النافذ.
ذكر السير آرنول ويلسن: في اثناء الحرب العالمية الأولى وضع امير المحمرة نفسه في خدمة المصالح وضع مئات من افراد جيشه العربي في خدمتها وقد تجسس لمصالحها على الأتراك وجمع المعلومات عن تحركاتهم.
وذكر لنا "هنري مور" وكيل شركة الهند الشرقية في البصرة وايضا الكولونيل رولنسون القنصل البريطاني العام 1843-1855 في بغداد، اكد ان سكان الأحواز رعاية عثمانيين كانوا قد سكنوا لسنين طويلة اراضي واسعة ضمن حدود الإمبراطورية العثمانية ودفعوا في بعض السنين مبالغ كبيرة من المال الى ضريبة باشا بغداد لقاء سكناهم تلك الأراضي.
وذكل اللورد كزن بأن الشيخ خزعل يملك في يده قوة عظمى يمارسها على ضفتي شط العرب ويملك السلطة الفعلية فيها، كما أكد ذلك رضا خان في مذكراته ص 38 انه كان اميرا مستقلا داخل حدوده، ليس لحكومة طهران أي سلطان عليه.
وفي شأن التفاوض بين البريطانيين والشيخ خزعل حول البطرول وملاحة نهر كارون يذكر السير آرنولد ويلسن سكرتير المفاوض بالرغم من نفوذ كوكس "الوكيل البريطاني المتولي بشؤون مناطق الخليج العربي" والذي حضر الى المحمرة لمفاوضاته مع الشيخ خزعل فأنه كان حريصا على أللا يضغط على الشيخ خزعل كثيرا اثناء المفاوضات تجنبا لحدوث خلافات في الرأي وكان كوكس يستعمل أحيانا بعض الجمل العربية خلال المفاوضات التي استمرت اربعة ايام وكانت هذه المناسبة ذات اهمية كبرى بالنسبة للشيخ خزعل لإعتقاده بأنه ساهم في تأسيس شركة كانت تهيمن على كل المصالح والمشروعات التجارية" وكان هدف المفاوضات التوصل لعقد اتفاقية بشأن جزيرة عبادان لبدء انشاء معمل لتكرير النفط فيها. وقد اعطيت لشيخ خزعل المواثيق بتأييد بريطانيا لسلطته وفي هذا المجال يتحدث برسي فيقول" لقد ربطنا معه مسؤوليات لا يمكننا مهما كلفنا الأمر التخلي عنها. فقد تعهدنا له بأننا مستعدون لتأييده في كل ما يؤمن حقوقه في علاقاته مع حكومتي فارس والدولة العثمانية وكانت لنا معه صلات تجارية متطورة.
www.alahwaz.org