المحامي سفيان عباس
الستراتيجية الأميركية الجديدة وإيران
انقلاب جوهري للخطاب السياسي الاميركي على الساحة العراقية نتيجة استفحال النفوذ الايراني وتأثيره اللافت للانظار في مجمل المتغيرات والتداعيات التي واكبت العملية السياسية منذ العام 2003 حتى اضحى التدخل اكبر من حجم الاحتلال الاميركي بكثير وان تصريحات السفير الايراني بشأن الاحداث الاخيرة ومجالس الصحوة خير دليل اضافة الى الاف الادلة التي يمتلكها الجانب الاميركي حول تدفق الاسلحة المتطورة والمصنعة حديثا في ايران الى عموم المحافظات على ان تسلم خصيصا للميليشيات والجماعات المسلحة الخارجة عن القانون الخاضعة بالكمال والتمام لاشراف جيش القدس الايراني الذي يهيمن على معظم التوجهات الستراتيجية لصناعة القرار العراقي. ولهذا افاقت القوات الاميركية من غفوتها وسارعت الى معالجة ما يمكن علاجه بعد هذه الفضيحة التاريخية فقد اجرت تغييرات نوعية في القيادات العسكرية لتشمل قيادة العمليات الوسطى وقيادة القوات متعددة الجنسيات واستبعد الجنرال (فون) وحل محله (بتريوس) المعروف بقيادته الميدانية الذي استطاع من خلالها جمع الادلة ضد النظام الايراني وتولى (اوديرنو) مهام القوات الاميركية في العراق, من كل هذا نستنتج الاسباب الحقيقية وراء تلك القرارات المهمة للقيادة العسكرية. ان اليقظة حول المصير المجهول مهمة جدا في اللحظة المناسبة وخاصة عند تنفيذ الستراتيجيات المتعلقة بالمصالح القومية للدول. النظام الايراني سلك الوسائل المخادعة للعقل الاميركي ضمن مشروعهم السياسي في المنطقة من خلال ادواته المعروفة التي استلمت مركز القرار العراقي قبل خمس سنوات ما جعل عملية تقليص التغلغل الواسع لنظام الملالي امرا غير سهل ومعقد جدا لاعتبارات سوقية في المفاهيم العسكرية والسياسية وان المفاوضات العقيمة بين الجانبين لن تنتج ثمارها لان الاوان قد اغفلته العنجهية الاميركية المشهورة عالميا. كيف لنا الاطمئنان من تهور حسبناه في يوم ما حكمة دولة تعد الاعظم في منظومة المجتمع الدولي? صحيح ان الغباء السياسي يوحي بالعقلنة احيانا لصاحبه الا انه لا ينطلي على حكماء القوم من عباقرة العلوم الفكرية والسياسية. اجراءات سليمة في الميزان العسكري الاميركي لمواجهة ايران وادواتها ولكنها اكثر غباء في المواجهة الحتمية مع نظام دموي على الاراضي العراقية داخل الحسابات الستراتيجية. فلابد من خطوات اخرى مصاحبة للتغيير الجديد بعد مهازل معركة البصرة تتعلق بزيادة عدد افراد الصحوة والاسراع بسن قانون التجنيد الالزامي والاهم من كل هذا ضرورة تقليص نفوذ الادوات الايرانية بغية اعادة التوازن الشامل لكل مكونات الشعب ورفع الحيف والمظالم عن شرائح واسعة تضررت من جراء السياسات الطائفية المدعومة ايرانيا والتي احدثت هذه النتائج المدمرة. ان القيمة الاساسية في رسم دعائم النجاح تنحصر بمقومات الوضوح للرؤى والتصورات البعيدة الضامنة في تجاوز اسباب الاخفاق المتراكم الذي تعاظم منهجيا بسبب التفاوت غير البناء للعقل الاميركي حيث ساهم هذا الافق الضيق بالاستباحة الجنونية لنظام الملالي للاراضي والمقدسات والثروات العراقية فلا اعذار واهية تقبل ولا تبريرات ساذجة تعقل ولا معالجات متأخرة تفعل فعلها الا اذا بدأنا بكي البذرة الخبيثة الاولى التي انتشر داؤها في الجسد العراقي الطاهر. ان الانقلاب الاميركي مازال بعيدا عن اهدافه ما لم يحدث انفجار هائل في الجوف الايراني المنتشر داخل البيت العراقي ونسف كل المرتكزات التي اقامها وانشأ معها الموانع او الحواجز المانعة من التغيير الموضوعي والجوهري للعلة العراقية المزمنة والمستعصية?