انتفاضة نيسان، ثورة شعب كسب القوة من ضعفه!
للشعوب المناضلة محطات و أيام تاريخية في الحزن و الفرح، تحمل بعضها ذكرى احتلال أو خسارة مواجهة، والبعض الآخر أيام نصر أو مكسب وطني أو نقلة تاريخية أو يوم تحرير، تحتفل الشعوب ببعضها وتخلدها في النصر، أو تتذكر ها في الخسارة، حيث تدخل هذه الأيام في قصائد الشعراء وتجسدها ريشة الرسامين ويتغنى بها الفنانين ويمثلها المسرحيين ويخلدها الكتاب وتتناقل ذكريها الأطفال وتدخل أيام النصر والخسارة التاريخ والحضارة وتبقى جزءا ثابتا من حافظة الشعوب، تتذكرها الأجيال
والعشرين من نيسان عام 1925، هو يوم مشئوم في تاريخ الشعب الأحوازي، الذي بقي في ضمائر ابناء شعبنا حافزا ومحركا لنضاله جيل بعد جيل حتى غيروا الأحوازيين مأساته إلى نصر في 15 نيسان عام 2005، عند ما خرجوا بإنتفاضتهم الشعبية الخالدة، وأصبح شهر نيسان بعد 2005، يوم تحدي، يحتفل الأحوازيين نصره ويخلدون بطولاته وشهدائه الذين صنعوه، وتربع هذا الشهر بعد هذا التاريخ على رأس هرم الأيام التاريخية المشرفة للأحوازيين، وستحتفل نصره الأجيال القادمة بعزة وبفخر
والنصر الذي صنعه المنتفضون الأحوازيون في 15 نيسان، لم يتحدد على ساحة سياسية أو نضالية أو أو إعلامية أو ثقافية فقط، بل شمل كافة الميادين، حيث خسرت ثقافة العدو العنصرية التي نمت على القتل ومازالت، أمام ثقافة شعبنا النضالية الإنسانية التي لم تبتعد عن إنسانيتها حتى هذه اللحظة في مواجهة المحتل ولم تتلطخ أيدي مناضليها بدماء أبرياء وأطفال ونساء للمحتلين والمستوطنين مثل ما فعل العدو واعدم واغتال وعذب ابناء شعبنا الأبرياء المطالبين بحقوقهم، وهذا يضاف لخسارة تاريخ الإمبراطورية السلطوية الإيرانية التي تنفي الغير، أمام تاريخ أحوازي إنساني، حافظ على تاريخ الأحواز منذ بدايته وهو يفخر بسلة حمو رابي وجغازنبيل والسوس، ويحافظ على قبر النبي اليهودي دانيال، إلى جانب قبردعبل الخزاعي العربي المسلم
وأهم ما ميز الانتفاضة النيسانية في تاريخ نضال شعبنا، هو الانتقال بشعبنا لثورة شعبية جماهيرية شاملة، شاركت فيها كافة الشرائح الاجتماعية والطبقات الاقتصادية وظهر فيها الوطن هو الهوية وهو التاريخ وهو الكرامة، و الأحوازي هو المناضل الخلاق الذي صنع من ضعفه قدرة ومن نكسته نصر
والانتفاضة النيسانية المجيدة لعام 2005، هي تجسيدا لحق تنكره المحتل طلية ثمانين عام ولم يزل، وهي الانطلاقة الشعبية التي انتظرتها أجيالنا الماضية كثيرا، واليوم يفخر بتفجيرها الجيل الثائر الفعلي الذي تحدى تحفظات العجزة من المخضرمين، وتجاوز توصيات المحافظين من أنصار التهدئة، وسجل أسطورة تاريخية لم تعرف حجمها الأجيال الماضية وستفخر بها أجيال شعبنا القادمة وستبقى تتغنى بها، وستكون هي نقطة الخلاص والنصر، وسيكون معها نيسان، شهر الحزن والأسى والاحتلال، هو شهر الانتصارات الذي سيتذكر تاريخنا قيادات نصره، راضي العبياوي وعلي البتراني والمئات غيرهم ممن سقطوا في الانتفاضة الخالدة من اجل تحقيق النصر على العدو، حيث سيبقون هم فخر تاريخنا، ومقابله سيبقى تاريخ العنصري المحتل و كورش الذي بنا تاريخ إمبراطورية فارس على القتل والدمار والاحتلال، سيبقى يخجل منه التاريخ وتتبرأ منه الإنسانية، وهاهي حضارات وثقافات وتاريخ شعوب عدة اليوم في إيران تعاني مما اغترفت أيادي حكام هذه الإمبراطورية الدموية المتمردة على الإنسانية والمعادية ها
اليوم ونحن على أبواب العام الرابع لإنتفاضة نيسان المجيدة، وبفضل نضال شعبنا واستمرار انتفاضته وتضحياته الجسيمة من شهداء ومعتقلين ومعذبين ومشردين، اليوم، ضمن الأحوازيين احتضان النصر بإحتضانهم لأهم ضرورياته وهو تقبل مآسي النضال والتضحيات من اجل الوطن والكرامة والهوية، و التسلح بسلاح الصبر الثوري مقابل جرائم المحتل، وها نحن نشاهد البطولات الأسطورية للمناضلين الأحوازيين وهم يعانقون سلاحهم مثل الشهيد سيد سلطان آلبو شوكه، ويقبلون حبال المشانق مثل ريسان الساري، ويعطون للعالم نماذج جديدة في النضال والتحدي، أجبر حتى أعدائهم، بالاعتراف بقدراتهم في التحدي وبشراستهم في المواجهة وبحقانية نضالهم مقابل عدو لا يرحم صغير ولا كبير ولا يخرج من محاكمه الإجرامية بريء ما دام هو عربي!
محمود أحمد الأحوازي
19 نيسان، 2008