الشيخ خزعل،الكاسبي الكعبي، جذوره القبلية وملخص عن مجيء البوك

الأحواز قبل الإحتلال
الشيخ خزعل،الكاسبي الكعبي، جذوره القبلية وملخص عن مجيء البوكاسب إلى السلطة



إن الشيخ خزعل بن الحاج جابر بن يوسف بن مرداو بن على بن كاسب(جاسب) ينتمي الى آلبوكاسب، أحد الأفخاذ المهمة لقبائل (بني كعب) العربية التي اتخذت من الفلاحية والقصبة وسواحل نهر الكارون الشرقية وشرق الأحواز على سواحل الخليج العربي مقرا لها، بعدما نزحت من العراق ودخلت الأحواز في أواسط القرن السابع عشر، ملتحقة بالعشائر العربية التي سبقتها بقرون طويلة. وكانت قبائل بني كعب قد انتخبت هذه الأرض للاستيطان في الامتداد الطبيعي للأراضي الأخرى التي تقطنها القبائل العربية في المناطق الأخرى من الأحواز وفي الجزيرة العربية ووادي الرافدين(العراق) وسيطرت قبائل بني كعب على هذه المحدودة من أراضى الأحواز بسرعة وجيزة حيث كانت العشائر العربية التي تقطنها قبلهم قليلة العدد والعدة وكان المشعشعين، أمراء الأحواز في تلك الفترة مشغولين بمشاكلهم الداخلية.

بدأت قبيلة بني كعب وبعد استقرارها مباشرة وبقوة رجالها وغنى شيوخها و قادة أفخاذها ومن اجل الحفاظ على ما تملك من ثروة ومواشي ان تبني لنفسها صرحا منيعا، حتى لا تسمح لمن تسول له نفسه الأذى ان يزاحمها، وبذلك تمت سيطرة هذه القبائل على مناطق تواجدها وثبتت نفسها أمام القبائل الأخرى التي كانت في تلك المنطقة من الأحواز أولا، ثم أكملت سيطرتها على معظم أراضى الأحواز بعد ما كان يتحكم فيها ويحكم عليها ملوك المشعشعين في عاصمتهم-مدينة الحويزة- وكان سلطانهم يغطي كافة الأراضي الأحوازية الى ما وراء مدينة تستر.

وبعد خلاف ونزاع بين قبائل كعب.. قرر مرداو بن علي بن كاسب رئيس قبيلة البوكاسب، قرر الإقامة على مصب كارون وعلى الضفة الشرقية لشط العرب وبذلك انقسمت قبيلة بني كعب الى قسمين: آلبوناصر في الفلاحية وآلبوكاسب في المحمرة التي شيدها الحاج يوسف بن مرداو سنة 1812 ميلادية. ولم تعد الاخوة القبلية السابقة قائمة بعد ذلك، بل اصبح شيوخ آلبوكاسب يكيلون العداء لكعب الفلاحية وينتظرون الفرص حيال شيوخهم.

تعرضت المحمرة في سنة 1837الى هجوم عثماني قاده على رضا باشا، دمر المدينة تدميرا كاملا، لكن سرعان ما قام الشيخ جابر بن يوسف ببناء المدينة وتوسيعها، ولكن ذلك الهجوم اضطر الشيخ الجابر من التقرب للسلطات الايرانية حيث كان غير قادر على مواجهة العثمانيين والايرانيين في آن واحد و في الوقت الذي كان غير مدعوم من قبل بني كعب في الفلاحية، حيث الاختلاف مازال قائما. والمعروف ان هذا الهجوم وما نتج عنه من تقارب بين قيادة البوكاسب والسلطات الإيرانية كانت من أهم العوامل التي جاءت بمعاهدة ارض الروم الثانية في عام 1847 والذي أعطت حق الإدعاء بملكية السواحل الأحوازية لشط العرب للسلطات الايرانية حيث اعترف لها العثمانيين ذلك وبتأييد من الوسيطين الروسي والبريطاني.



وفي عام 1849 ميلادية انقسمت بني كعب في الفلاحية مرة ثانية بعد حروب بينهم على الإمارة ساعدت الشيخ جابر بن يوسف المستقر في المحمرة وبمساعدة السلطات الإيرانية له، ساعدته بالسيطرة على كافة قبائل بني كعب بعد ما كانوا كعب الفلاحة قدرة لا يمكن لدولة اقليمية الإستهانة بها، حيث تمكن بني كعب في إمارتهم الاولى في الفلاحية ان يتغلبوا على الفرس والعثمانيين في الحروب التي دارت بين قواتهم التي كانت تحت امرة الشيخ سلمان(متوفي عام1767م) والقوات المشتركة لكريم خان شاه فارس وباشا بغداد في عام 1765 ميلادية ..كما تمكنوا بعد ذلك من الانتصار على البريطانيين ايضا حيث صادروا ثلاثة من بواخرهم الحربية بعد معركة بحرية ضارية في شط العرب ومصب نهر كارون.

وبذلك اصبح الشيخ جابر شيخ آلبوكاسب، شيخا على بني كعب كافة وأميرا مؤسسا لإمارة المحمرة التي ذاع صيتها في المنطقة والعالم بعد ذلك وخاصة في عصر الشيخ خزعل بن الشيخ جابر آخر امراء بني كعب.

وتمكن الشيخ جابر من صد هجوم بريطانيا على المحمرة في سنة 1857، لكن ذلك الهجوم كان بداية لصداقة متينة بين أمراء المحمرة والإنجليز حتى العام الاخيرلإمارة بني كعب في المحمرة حيث رابطت القوات البريطانية بعد ذلك الهجوم بثلاثة شهور في المحمرة قبل ان تنسحب.

وفي نفس السنة-1857- تمكن الشيخ جابر من اخذ الاعتراف بسيادته من ناصرالدين

شاه(1848-1896)وذلك بعد عشر سنوات فقط من معاهدة ارض روم الثانية القاضية بضم المحمرة لسيادة ايران وان المرسوم الشاهنشاهي تضمن الاعتراف بإمارة المحمرة الى الحاج جابر وأولاده من بعده على ان تبقى الجمارك تحت إدارة الدولة الفارسية ويديرها أمير المحمرة نفسه نيابة عنها، ويقيم

عليه زمن أبيه الحاج جابر. ولم يكن الش

في المحمرة مأمور من قبل الدولة الفارسي ليمثلها لدى أمير المحمرة. وتنحصر مهمة المأمور في الشئون التجارية فقط.

وتولى الامارة بعد وفاة الشيخ جابر في سنة 1881م، ابنه مزعل، حيث كانت فترة حكمه فترة انشقاق القبائل عليه في السنين الاولى لحكمه ونفوذ الانجليز بسبب ذلك، لكن تلك الفترة كانت تعتبر فترة انتقالية تمكن بعد ذلك هو وبعده أخوه الشيخ خزعل من السيطرة التامة على امور الإمارة.

وكانت للشيخ مزعل روابط عميقة مع بعض العشائر العربية في جنوب العراق ومنهم المنتفج من آل سعدون كما كانت له روابط طيبة مع شيوخ الكويت مثل ما كان لأبيه، و كانت روابطه مع فارس(ايران) سياسية رمزية اسمية لم يطرأ عليها تغيير عما كانت

يخ مزعل مشتاق كثيرا لبناء علاقات متينة مع البريطانيين وان كانوا متنفذين في المنطقة كثيرا في ايامه.

وقام الشيخ خزعل في النهاية بالانقضاض على اخوه الشيخ مزعل والأخذ بزمام الحكم، وهو اكثر ميلا لتعميق الرابطة مع الانجليز.

الشيخ خزعل أمير المحمرة

إمارته العربية..علاقاته الإقليمية والدولية

تسلط الشيخ خزعل بسرعة وجيزة بعد توليه السلطة في سنة 1897(1315 هجرية) على كافة المناطق في الأحواز، بعد ما كانت غير مستقرة في بعض المناطق بسبب بعض الخلافات بين القبائل نفسها من جانب وبين الأمير وبعضها من جانب ثان. وكان للشيخ نواب ينوبونه في المقاطعات الأحوازية المختلفة وفي المدن. وتمكن الشيخ خزعل الاستفادة من التفتت الايراني آنذاك ومن عطائه وكرمه (البخشيش) لكثير من رجال السلطة في ايران، تمكن من كسب نصرت ومودة الكثير من القادة الإيرانيين وذلك ما مكنه من احتواء الأخطار التي كانت تهدده من جانبهم حيث لم يبقى لبني كعب من يهددهم في المنطقة، خاصة وان كانت لبريطانيا سيطرة تامة على العراق وعلى المنطقة بأسرها وكانوا البريطانيين حلفاء للشيخ وما كان يعوزه إلا الصلح والهدوء في منطقة نفوذه التي توسعت حتى خارج الحدود العربية في الأحواز، حيث امتد سلطانه الى المناطق المجاورة في أعالي الجبال مثل البختياريين الذين كانوا يعتبروه هو الأمير والحاكم لعربستان(الأرض العربية) والذي يضم سلطانه مناطق تواجد الكثير منهم. كما كان للشيخ سيطرة على البصرة أيضا.

كان شيخ خزعل مسيطر سيطرة تامة على كافة مجالات الحياة الاجتماعية للمجتمع الأحوازي وكان مندوبوه ومحبيه يقومون بواجباتهم العرفية التي يمليها عليهم الشيخ والعرف لحل قضايا الناس. وكانت الأحكام تجري طبقا للتقاليد ويقضي بها هو وممثلوه في المناطق. اما القضايا الشرعية فكانت ترجع الى العلماء ورجال الدين ليفتوا بها.

يعد الشيخ خزعل من أهم القادة العرب في تاريخهم الحديث، حيث كان من ابرز قادة منطقة الخليج في تلك الفترة ولعب دورا بارزا في احداثه في اوائل القرن الحاضر وشهد عهده احداثا مهمة تغير وجه المنطقة سياسيا وجغرافيا بسببها.

ومن أهم الأحداث التي زامنت حكم الشيخ خزعل هي تدفق النفط في المنطقة والحرب العالمية الاولى وخروج العثمانيين من العراق ومجيء الحكم الملكي والتسلط البريطاني عليه و سقوط السلاله القاجارية في ايران وحدوث الثورة البلشفية،وغيرها من الأحداث. ونظرا لأهمية الأحواز وموقعها الاستراتيجي السياسي والاقتصادي-بعد اكتشاف النفط فيها-المهم في المنطقة، فكانت في قلب هذه الأحداث حيث تأثرت مباشرة وكانت هذه العوامل هي السبب وراء قرار بريطانيا بالتحالف مع ضاخان لإنهاء حكم الشيخ الحليف الوفي لهم بعد ذلك.

تمكن الشيخ خزعل في فترة حكمه من فرض نفسه على المنطقة كأحد قادتها المرموقين وتمكن من بناء علاقات طيبة مع الكثير من القيادات المؤثرة في المنطقة ومنها إقامة روابط حسنة وحتى تحالف مع بريطانيا و لذلك حصل على أوسمة من ملك بريطانيا، كما كانت له علاقات ودية للغاية مع ملوك القاجار في طهران حيث حصل على أوسمة عديدة منهم وكان يمدهم بالمال والهدايا والتحف. وحصل yes"> أيضا على أوسمة من سلطان تركيا ومن البابا في روما(1) كما كانت تربطه علاقات ودية مع أمراء الخليج ومنهم الشيخ جابر الصباح والشيخ سالم أمراء> الكويت والأمير عبدالعزيز السعود أمير نجدpacerun: yes"> والشيخ عيسى الخليفة أمير البحرين وبعض شيوخ العراق الجنوبي(2)حيث كان جميع الشيوخ والأمراء يكنون له الاحترام.

وانتهى حكم الشيخ في النهاية على يد رضا خان وبمساعدة من بريطانيا الذي جاءت به(رضاخان) ومدته بكل وسائلها المتاحة واستنفرت لصعوده العرش كل دسائسها السياسية المعروفة عنها وضربت بكل عهودها واتفاقاتها مع الشيخ خزعل بعرض الحائط حتى اصبح بعد ذلك رضا خان شاه على ايران بعد ما أصبحت إيران وبمساعدة الظروف التي أتت بانتهاء الشيخ خزعل، دولة ذات سلطان وأهمية استراتيجية تختلف عما كانت عليه في زمن القاجاريين.

ابو بشار الاحوازي